وكل ذلك كان في زنجبار.. أرض النور الإسلامي
والقرنفل والفردوس الأرضي..
من أراد أن يعرف معنى الاحتلال في زنجبار،
فليفتح صفحات التاريخ فيها.. لقد كانت أرضاً ذات سيادة تعتز بدينها الإسلامي..
فحولها الاحتلال الأوروبي إلى أرض ذل وهوان..
ومن أراد أن ينظر في بشاعة الاحتلال
هناك،فليقلب صفحات التاريخ، وليقرأ أحداثه المكتوبة بأحرف من دم.. لقد كانت زنجبار
أرضاً تشع بنور الإسلام، فحولها الاحتلال الأوروبي إلى أرض جرداء محروقة يسودها
ظلام دامس تعبث فيه وحوش وخفافيش..نعم، كانت زنجبار هويتها الإسلام، فأصبحت تائهة
تبحث عن ذاتها..ولكن - بالمقابل - من أراد أن يشاهد جمال العودة إلى الدين
الإسلامي والنهوض من وسط ركام الجهل والاضطهاد، فليطل على ساحة الصحوة الإسلامية
في زنجبار.
ففي هذه البلاد نجد عودة الوعي نحو الشريعة،
وبدأت التحركات المتزنة نحو العزة والقوة.. حيث تصحيح مسار النفس الداخلي الروحي
يكون عبر العودة إلى المبادئ والثوابت الإسلامية.. والجمع بين صلاح الدين
والدنيا..ولازالت المحاولات مستمرة رغم الصعوبات والحملات الشعواء الموجهة ضدهم..
الموقع
الجغرافي:
هي مجموعة من الجزر يبلغ عددها حوالي 52
جزيرة، أكبرها جزيرتا (زنجبار) و(بمبا)..وتقع زنجبار شرق أفريقيا على المحيط
الهندي، وتبعد عن تنزانيا (تنجانيقا سابقاً) 36 كم. وكان اسمها (بَر الزنج)، ثم
صار اسمها (زنجبار). ويبلغ عدد سكانها حوالي مليون نسمة، 98% منهم مسلمون، والبقية
مسيحيون وهندوس.
وأصول المسلمين - بالإضافة إلى الأصل
الأفريقي - تعود إلى عمان وفارس والهند وباكستان.
وهي الآن جزء من الجمهورية الاتحادية التي
تسمى - حالياً - تنزانيا بعد أن احتلتها تنجانيقا في 12 يناير 1964م. وتم تغيير
الاسم إلى تنزانيا الذي يتكون من الأحرف الأولى لـ(زنجبار) و(تنجانيقا).
الإسلام
في زنجبار
تقول الكاتبة إفتكار البنداري – في موقع
وكالة الأنباء الإسلامية – كانت زنجبار أرضاً مسلمة منذ القرن الأول الهجري، حكمها
العرب العمانيون قرابة ألف عام، وما زال الحنين بين أهل سلطنة عمان وأهل زنجبار
قائماً؛ فكثير من عائلات الطرفين جذورها في أرض الآخر.
وقد تم ضم الجزيرة - قسراً - مع منطقة
تنجانيقا عام 1964م ليتم تشكيل ما يسمى الآن بدولة تنزانيا. ولكن الآثار العمرانية
الاقتصادية والإسلامية في زنجبار ما زالت شاهدة على الأخوة الضاربة بجذورها في
أعماق التاريخ بين الأرضين العمانية والزنجبارية كما يشهد جهل الكثير من أبناء
الإسلام بتاريخ ومكان الجزيرة على التشرذم بين أراضى الإسلام.
لقد تشرفت زنجبار بنور الإسلام عن طريق
الهجرات العربية والشيرازية إلى شرق القارة الأفريقية في نهاية القرن الأول الهجري
في عهد الدولة الأموية،وذلك أن قام الحجاج بن يوسف الثقفي في عهد الخليفة عبد
الملك بن مروان بمحاولة ضم عمان إلى الدولة الأموية وكان يحكم عمان آنذاك الأخوان
سليمان وسعيد ابنا الجلندى. وقد امتنعا عن الحَجاج، فأرسل إلى عُمان جيشاً كبيراً
لا حول لهما به فآثرا السلامة، وخرجا بمن تبعهما من قومهما إلى (بر الزنج) شرق
أفريقيا.
السلطان جمشيد بن عبدالله البوسعيدي آخر سلاطين زنجبار
وقد استدل المؤرخون على ضوء هذه الحقيقة التاريخية على أن الوجود العربي في زنجبار سبق ظهور الإسلام؛ لأن رحيل حاكما عمان إليها بعددهما وعتادهما لا بد أن يستند إلى وجود سابق له يأمنان فيه على حياتهما وأموالهما وذويهما وقبل ذلك على دينهما.
وبعد هذه الهجرة التي قام بها حاكما عمان بدأ
الوجود العماني في الجزيرة يتوطد أكثر وأكثر حتى أصبح ولاة زنجبار وجزرها تابعين
لحكم أئمة عمان إلى أن جاء عهد السلطان سعيد بن سلطان بن الإمام احمد البوسعيدى
الذي فتح لزنجبار صفحة ناصعة في التاريخ بما أولاها من اهتمام غير مسبوق.
استمرت عمان مركزاً لإدارة المملكة
البوسعيدية حتى جاء عام 1818م حيث وجه السلطان سعيد بن سلطان ابن الإمام احمد
البوسعيدى همته إلى شرق أفريقيا، فسافر إليها بأسطول ضخم واتخذها عاصمة له
مرحلةالاضطهاد
على الرغم مما حققه السلطان سعيد بن سلطان في
تقدم وازدهار زنجبار وإعلاء شأنها فيما حولها من بلدان إلا أنه زرع بذور ضياع هذه
الجزيرة الغنية الجميلة من يد العرب والحكم الإسلامي دون أن يدرى.
وذلك أن السلطان - وكان قد اطمأن إلى حكمه في
شرق أفريقيا - وافق على التعاون مع عدد من الدول الغربية، ومنها أمريكا وبريطانيا
معه، خاصة في المجال التجاري حيث سارعت هذه الدول إلى التقرب إليه بالهدايا
والمشاريع والسلاح.
وكان لبريطانيا النصيب الأكبر في السيطرة على
اقتصاد الجزيرة أوصلهم إلى السيطرة على أمورها سياسياً بل ورفع علمهم عليها عام
1843م في ظل حكمه.
الإبادة الشاملة التي اتبعها النصارى ضد المسلمين في جزيرة زنجبار وقتلوا 20 ألف مسلم في يومين فقط عام 1964م لمجرد أنهم مسلمون؟
وفى 19 أكتوبر من عام 1856م توفى السلطان
سعيد على متن الباخرة فيكتوريا، ودفن في زنجبار فوقع الخلاف بين أولاده على الحكم
وبعد تقسيمه كانت الجزيرة من نصيب يرعش بن سعيد. وذلك بعد أن تدخلت بريطانيا –
بوسائل الخداع - في تقسيم المُلك بزعم فض الخلاف بين الإخوة؛ مما أسفر عن انفصال
زنجبار عن المملكة البوسعيدية بعمان، ولكن بشكل غير تام حينئذ.
وفى عهد السلطان على بن سعيد أعلنت بريطانيا
الوصاية (الاحتلال) على الجزيرة.
واستمرت هذه الوصاية حوالي 70 عاماً وعندما
أرادت الانسحاب قامت - كعادتها في زرع الفتن- بترتيب خطة تستطيع بها البقاء الفعلي
بعد خروجها ظاهرياً. فكانت المؤامرة التي دبرته للإطاحة التامة بالحكم الإسلامي
العربي والذي تم عام 1964م.
قبل 9 سنوات من إعلان الاستقلال الرسمي
الوهمي الخادع بدأت بريطانيا في تنفيذ سياستها (فرق تسد)، فعمدت إلى بذر الصراع
العرقي بين المسلمين هناك. حيث سعت إلى تكوين حزبين سياسيين يفرقان بين المسلمين
من أصل عربي والمسلمين من أصل أفريقي وشيرازي تمهيداً لحرب أهلية تطيح بالعرب
المسلمين وحكمهم. وهذان الحزبان تشكلا كالآتي:
- (حزب
زنجبار الوطني): وتشكل سنة
1955م على أساس عضوية مفتوحة لكل الأهالي.
- (الحزب
الأفروشيرازي): ويضم
الإفريقيين والشيرازيين في جبهة واحدة بزعامة الطاغوت عبيد كرومي، وكان لسيده القس
جوليوس نيريرى حاكم تنجانيقا دوراً في ذلك.
- وظهر بعد ذلك في الحلبة حزب الشعب بزعامة
محمد شامت.
المؤامرة
الصهيونية على زنجبار
حينما استقلّت زنجبار وقفت في وجه التغلغل
الصهيوني في أفريقيا، وخالفت بذلك نهج جيرانها من دول أفريقيا الشرقية، وعلى رأسهم
القسّيس نيريري حاكم تنجانيقا. واتّضح موقف زنجبار الصريح المؤيّد لقضية فلسطين
يوم رفضت حكومتها استقبال جولدامئير – التي أصبحت رئيسة وزراء الصهاينة – عندما
كانت تزور دول أفريقيا الشرقية، لإقامة علاقات دبلوماسية مع البلاد التي تقع على
الطريق البحري إلى فلسطين؛ لتأمين الملاحة الصهيونية.
وعند ذلك شرع اليهود في تدبير مؤامرة للقضاء
على زنجبار، فاهتدوا إلى أحد عملائهم – وهو عبيد كرومي – وكلّفوه بالتعاون مع
نيريري للقضاء على هذه الدولة الفتية.
مذبحة 1964م وطمس الهوية الإسلامية
وفي عام 1964م وبالتحديد في شهر يناير كشف
الحزب الأفروشيرازي عن حقيقته البشعة - والتي لم تكن تمثل كل المسلمين الإفريقيين
والشيرازيين كشعب بل يمثل أقلية فاسدة منهم - ذلك أن قام بثورة مسلحة في غفلة من
نظام الحكم ومن الشعب عبر مكيدة، وعلى النحو التالي:
- الاستيلاء على سفينة أسلحة جزائرية تسمى
(ابن خلدون) ذاهبة إلى موزنبيق عبر 600 قارب صيد تم استقدامهم سراً من تنجانيقا
المجاورة لتوفير السلاح.
- قام رئيس شرطة زنجبار البريطاني بتسريح
الضباط المسلمين العرب وإخفاء مفاتيح السلاح حتى ينقطع السلاح عن أيدي المسلمين
العرب.
- نظم الحزب الأفروشيرازي مظاهرات بقيادة
الطاغية كرومى، وتم توجيهها إلى قصر السلطان جمشيد بن عبد الله خليفة وقد لجأ
السلطان إلى سفينة بريطانية حملته إلى بريطانيا (دولة الاحتلال السابقة).
ودبّر كرومي – العنصري الحاقد على العرب
والمسلمين – بمساعدة نيريري عملية ذبح للمسلمين هناك، حيث استأجر مرتزقة من
الكونغو للقيام بعملية القتل. وتمّ قتل أكثر من عشرين ألف مسلم في يوم واحد.
واستولى كرومي على السلطة، وأخذ يقلّد مصطفى كمال أتاتورك في إزالة الصبغة
الإسلامية عن زنجبار، ثم قام بضم زنجبار إلى تنجانيقا، وصارت دولة جديدة اسمها
(تنزانيا) برئاسة القسّيس نيريري.
وترك نيريري لخادمه كرومي مطلق الحريّة في
زنجبار لإذلال المسلمين هناك، وتحويلهم إلى الماركسية بعد أن استحال تحويلهم إلى
النصرانية عن طريق المبشرين.
وبالنظر إلى الأسباب التي رسمت هذه المأساة،
نجد أن أنها تعود إلى دوافع خارجية عدائية تنصيرية، عملت على إثارة النعرة
العنصرية بين المسلمين، خاصة بعد أن أشاع الاستعمار بين الأفارقة أن العرب كانوا
من تجار الرقيق، في تجاهل للاتفاقية التي وقعها السلطان سعيد بن سلطان مع بريطانيا
لإلغاء هذه التجارة التي كان يقوم عليها الغزو الغربي، ومطامع دول الجوار.
ومن بين هذه الخطط
- النشاط
التنصيري مما جعل كثير من كبار الساسة من تلاميذه.
- مطامع دول الجوار وخاصة كينيا وتنجانيقا في
ضم زنجبار إليها واستقطاعها من حكم الدول العمانية ويؤكد ذلك دور تنجانيقا في
تسليح من قاموا بالمذبحة.
- رغبة الدول الغربية في تقويض الإسلام في
زنجبار؛ لأنها كانت بوابة أفريقيا الشرقية ومنها دخل الإسلام لأغلب الدول الأفريقية
الشرقية والوسطي.
هذا إلى جانب الأسباب داخلية المتمثلة بأخطاء
سلطان زنجبار في سياسة حكمه للطوائف حيث فتح باب التنصير دون رقابة فتغلغل وشوه
تاريخ العرب. وتوثيق العائلة الحاكمة لعلاقاتها ببريطانيا منذ عهد السلطان سعيد
بين سلطان؛ مما أثار سخط المسلمين الأفارقة وشعورهم بأن العرب هم من جلب الاحتلال
إلى بلادهم، وهذا ما استغله الاحتلال البريطاني في إثارة الفتنة العرقية بين مسلمي
زنجبار.
واقع
مسلمي زنجبار
بعد أن سادت الهوية الإسلامية في زنجبار بدأت
الحركات التنصيرية تتغلغل فيها، حتى إن عدد الكنائس بلغ كنيسة لكل مائة نصراني.
بل وانتشرت الكتب النصرانية والإنجيل مترجمة
باللغات المحلية انتشاراً واسعاً بحيث تصل إلى أيادي المسلمين الذين يفتقرون إلى
العلم الديني وفهم القرآن بعد أن سادت اللغة السواحلية مقابل محو اللغة العربية.
ووصل الأمر إلى حد إجبار المسلمات على الزواج من النصارى؛ وبذلك يتمكنون من سلخ
المجتمع عن دينه والقضاء على الروح الإسلامية في مجتمع زنجبار.
ورغم أن الأغلبية المسلمة فإن زنجبار تقع تحت
حكم مسيحي شامل، يعانون المسلمون في ظلماته القمع والاضطهاد.ومحرومون من الوصول
إلى صنع القرار، فنسبة المسلمين في مراكز صنع القرار لا تتعدى الـ 5%؛ وبالتالي
فإن عباد الصليب يتحكمون بالمسلمين. وما يحق لهم وما لا يحق بل إن التحيز للنصارى
واضح جداً فالوظائف الحكومية استحالت غالبيتها إلى النصارى وحرم الشباب المسلم من
فرص التعليم والمنح الدراسية والحياة الأكاديمية التي يتمتع بها النصارى بلا حدود.
ومن المحزن أنه تم في عام 2001م تعيين وزير نصراني لرئاسة الوزارة الخاصة بالشؤون
الدستورية وهى المخولة بإدارة الإفتاء والأوقاف والمحاكم الإسلامية في زنجبار.
وإن كانت النصرانية قد ارتدت قناعاً يغطي
نواياها الحقيقية في مواجهة الإسلام في كثير من البلاد إلا أنها في تنزانيا تبدو
واضحة جلية فمن سلسة الأحداث التي تشهد على حملة التنصير وهضم حقوق المسلمين
اعتقال الشيخ الإمام محمد الخامس في منتصف شهر أغسطس 2001م بتهمة الإساءة إلى
المسيح - عليه السلام -؛ وذلك لأنه نفى أن يكون المسيح إلهاً. ورغم أنه قد قال ذلك
في مسجد يحيط به المسلمون إلا أن ذلك اعتبر "انتقاصاً من مقام سيدنا عيسى
عليه السلام".
ولكن هذا لم يثنِ المسلمين في زنجبار عن
التعلق بالإسلام والإقبال على تعلم أحكامه واللغة العربية رغم ما يواجهونه من
تحديات..وأصبح المسلمون يعتمدون على الجهود الذاتية لا على الدولة في دعم وتدبير
شؤونهم وخاصة الدينية والدعوية بسبب علمانية الحكومة.
وقد قامت ثورة قادها الشباب الزنجباري
احتجاجاً على مساعي الحكومة التنزانية لتغيير الملامح الإسلامية في الجزيرة فقتل
بعضهم بالرصاص وسجن البعض الآخر..ويطالب الشعب الزنجباري بالاستقلال وإعادة الحكم
والوظائف القيادية إلى مسلميه وتطبيق الشريعة الإسلامية.
مطالب
المسلمين في زنجبار:
تواجه الصحوة الإسلامية في
"زنجبار" العديد من المصاعب، أهمها: الفقر، وحملات التنصير، وتنازع بعض
الفرق الإباضية والشيعية.
وفي خضم هذه الظروف والأوضاع المتشابكة، طرحت
الأوساط الإسلامية في "زنجبار" جملة من المطالب ترى أن تلبيتها ضرورية
لإحداث أي تطور إيجابي للأوضاع العامة، والعلاقات بين الطوائف الأخرى في البلاد،
وأهم تلك المطالب:
- تداول رئاسة الدولة بين المسلمين والنصارى.
- مراعاة المساواة في توزيع الحقائب الوزارية
بين المسلمين والنصارى.
- جعل يوم الجمعة عطلة أسبوعية رسمية بدلاً
من الأحد.
- منح الأئمة والعلماء المسلمين حقوقاً
سياسية متساوية مثل نظرائهم من رجال الدين النصراني، للتمثيل والترشيح في البرلمان
والمجالس المحلية.
- إيقاف استغلال المناصب الحكومية؛ لممارسة
الضغوط والاضطهاد على الشباب المسلم في المؤسسات التعليمية والأكاديميات العليا.
- فتح المجال أمام الشباب المسلم - كغيره -
في الحصول على منح دراسية في العلوم الحديثة.(
وفي النهاية لماذا يُفعل هكذا بالمسلمين في زنجبار؟!
-
الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي- الجزء العاشر.
-
وكالة الأنباء الإسلامية.
-
مجلة (المجتمع)- العدد 1841- 28/2/2009م.
-
موقع (طريق الإسلام).
-
موقع (رسالة الإسلام).
-
http://www.alukah.net/world_muslims/0/5495/#ixzz2aBGW67GQ
-
منتديات عهد الأصحاب